الاثنين، 27 أكتوبر 2014

إعادة الاستقرار و محاولات الإصلاح سيدي محمد بن عبد الله

إعادة الاستقرار و محاولات الإصلاح سيدي محمد بن عبد الله
                                     I.            مقدمة:
عرف المغرب بعد وفاة المولى إسماعيل أزمة طويلة استمرت ثلاثين سنة (1727-1757) و قد تمكن السلطان سيدي محمد بن عبد الله من التغلب على الأزمة فأعاد للبلاد استقرارها، و نهج على المستوى الخارجي سياسة الباب المفتوح مع أوربا.
                               II.            عانى المغرب بعد وفاة المولى إسماعيل من أزمة عامة، و أعاد سيدي محمد بن عبد الله للبلاد استقرارها:
1- عرف المغرب بعد وفاة المولى إسماعيل أزمة خطيرة:
ظهر الصراع بين أبناء المولى إسماعيل على الحكم بسبب عدم تركه وليا للعهد، مما أدى إلى قيام عبيد البخارى بالتدخل في شؤون الحكم و ذلك بتولية أو عزل من أرادوا من أبناء المولى إسماعيل.
حدوث أزمة عسكرية، مما فسح المجال أمام القبائل كي تقوم بتخريبها و نهب ما كانت تتوفر عليه من تجهيزات.
استمرار الضغط الجبائي الذي كان مفروضا على عهد المولى إسماعيل، مما زاد في تفقير البوادي و المدن.
انهيار الجانب الأمني و حدوث تدهور في الميدان الاقتصادي حيث تضرر قطاعا الفـلاحة و التجارة، إلى جانب توالي عدد من الكوارث (انظر الجدول ص 97).
2-
اتخذ السلطان المولى عبد الله عدة إجراءات للتحكم في السلطة و إعادة الاستقرار:
اعتمد سياسة المنافسات القبلية للقضاء على المعارضين، فاستفاد من حكم قبـائل الأودايـة، و مساندة القبائل العربية و البربرية، و أضعف خصوم المخزن و خاصة جيش البخارى.
اهتم بتوفير موارد مالية للدولة، فصادر أموال العمال و الولاة المناهضين له مثل باشا طنجة أحمد بن علي المريني.
كما فرض ضرائب شرعية و غير شرعية إضافة إلى المغارم من القضاء على الأزمة.
3-
تمكن السلطان سيدي محمد بن عبد الله من تحقيق الاستقرار الداخلي للبلاد:
استفاد من خبرته السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية أثناء خلافته لابنه بمـراكش ما بيـن ( 1745- 1757) إعادة الاستقرار بجنوب البلاد.
اعتمد بعد توليته سياسة تجمع بين الشدة الوللين في التعامل مع القبائل كما عالج ثورات القبائل تنظيم حركات + نهج سياسة ترحيل القبائل.
دعم الزوايا الموالية للدولة (الزاوية الوزانية مثلا) و حارب المعارضة لإضعافها (الزاوية الشرقاوية ببجعد).
 
عودة الهدوء و الاستقرار للبلاد  انتعاش الاقتصاد، و انتهاج سياسة إنتاجية.
                          III.            استطاع السلطان محمد بن عبد الله من ترميم أسس الدولة بوسائل متعددة:
1- عمل سيدي محمد بن عبد الله على تنمية و إصلاح مالية الدولة:
قام باستخلاص الضرائب الشرعية مثل الزكاة و الأعشار، كما تشدد في تحصيل الضرائب الاستثنائية كالمكوس بعد إضفاء الطابع الشرعي عليها.
اعتماد نظام المقاطعات أو "القبالات" حيث يباع حق استخلاص ضريبة معينة إلى العمـال و القواد و التجار المغاربة من المسلمين و أهل الذمة مقابل دفع مقدم لقيمتها.
القيام بتشجيع التجارة الخارجية و ذلك في إطار سياسة الباب المفتوح.
القيام بإصلاح النظام النقدي المغربي.
2-
اهتم سيدي محمد بن عبد الله بإصلاح الجيش:
عمل على تنويع العناصر المكونة للجيش حيث أنشأ فيالق من الجيش و من بعض القبائل الصحراوية إلى العبيد المخلصين، و ذلك بهدف تحقيق التوازن العسكري و التقليص من دور غلبية البخارى و أفراد الكيش.
عمل على تحديث الأسطول البحري لحماية الشواطئ المغربية و تحرير الثغور.
قام بإصلاح المراسي عن طريق تحصينها و ترميمها و تجهيزها حيث رسم ميناء آنفا مؤسس مدينة الصويرة و استرجع مدينة البريجة من يد البرتغال.
3-
انتهج السلطان سيدي محمد بن عبد الله سياسة الباب المفتوح:
دوافعها:
-
التراجع الكبير لتجارة القوافل الصحراوية بسبب ما شهده المغرب من اضطرابات خلال 30 سنة.
-
التدهور المتواصل لنشاط الجهاد البحري بسبب توقفه لما كان يسببه من مشاكل مع الدول الأوربية.
-
الحاجة إلى الأموال قصد القيام بالإصلاحات كتحصين و ترميم المراسي و تجهيز الثغور.
-
الرغبة في عدم الرفع من الجبايات و الضرائب على السكان.
إجراءاتها:
-
عقد عدة معاهدات مع الدول الأوربية خاصة اسبانيا و فرنسا و هولندا.
-
تقليص الرسوم الجمركية على الصادرات و الواردات مع إعفاء المعاهدات الحربية منها.
-
القيام بفتح الموانئ الأطلنتية على التجارة الخارجية بعد ترميمها، و بناء مرسى الصويرة سنة 1765 م.
-
إيقاف نشاط الجهاد البحري انسجاما مع سياسة الباب المفتوح.
الانفتاح السياسي و الديبلوماسي:
-
عقد المغرب مع الولايات المتحدة الأمريكية معاهدة ودية في 1786 م، اعترف فيها باستقلالها.
-
تدخل المغرب لدى أتراك تونس و طرابلس لفسح المجال لحرية الملاحة التجارية الأمريكية بتقليص عمليات الجهاد البحري.
-
عقد مع فرنسا و انجلترا و اسبانيا معاهدات التجارة و الصداقة.
-
عمل على تمتين روابطه مع الإمبراطورية العثمانية خدمة لمصالح مشتركة تمثلت في اقتداء أسرى المسلمين و قيم الدعم المالي و العسكري للعثمانيين في صراعهم ضد الروس.
                              IV.            خاتمة:

استطاع المغرب إذن الخروج من الأزمة، و تحقيق الإنتاج التجاري و الديبلوماسي، لكن أزمة القحط و المجاعة ( 1776- 1782) و بداية تحول ميزان القوى لصالح أوربا سيضع المغرب في نهاية القرن الثامن عشر، أمام صعوبات جديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق