طرح الإشكالية:
ما التحولات الاقتصادية و
المالية و الاجتماعية و الفكرية التي
شهدها العالم الرأسمالي خلال القرن 19
م ؟
أولا : التحولات الاقتصادية و المالية في العالم
الرأسمالي:
1-
تعددت مظاهر التحولات الاقتصادية :
* التطور الصناعي
تجلى في تعميم المحرك البخاري ، و اختراع أنواع أخرى من المحركات ، و ظهور المصانع
الكبرى ، و ازدهار بعض الصناعات في طليعتها : صناعة الفولاذ و الصلب و الصناعة
الميكانيكية و الكيماوية ، و تزايد المردود و الإنتاج أمام تطور الأساليب و
التقنيات ، و ارتفاع حصة الصادرات الصناعية.
* الثورة
الفلاحة تمثلت في استخدام الدول
الرأسمالية الآلات و الأسمدة، و تعتمد على
انتقاء الأنواع الجيدة من المزروعات و
سلالات الماشية، بالإضافة إلى إتباع الدورة الزراعية و استغلال البحث العلمي و
ارتباط الفلاحة بالصناعة و التجارة.
* تضاعفت المبادلات الخارجية للبلدان
الرأسمالية التي نهج بعضها نظام التبادل الحر الذي جاء كبديل للحماية الجمركية (
فرض قيود جمركية على الواردات لحماية الإنتاج الوطني ). كما نشطت المبادلات الداخلية
لنفس الدول.
2- ارتبطت التحولات الرأسمالية بعوامل مختلفة
:
* العامل التنظيمي : قامت الليبرالية
الكلاسيكية على مبادئ منها حرية الإنتاج و
التبادل التجاري ، و قانون العرض و الطلب ، و البحث عن الربح . و اتخذ التركيز
الرأسمالي شكلين أساسين هما:
- التركيز الأفقي: اندماج الشركات التي لها نفس
التخصص.
- التركيز العمودي: اندماج الشركات ذات التخصصات
المتكاملة.
دور الفاعلين الاقتصاديين الجدد : و من
أبرزهم :
- الأبناك : مؤسسات مالية أصبحت تستثمر في مختلف
الأنشطة الاقتصادية ، إلى جانب تقديم القروض و جمع الودائع .
- المقاولات الكبرى : مؤسسات اقتصادية قوية ناتجة
عن التركيز الرأسمالي .( التروست ، الهولدينغ )
- الشركات المجهولة الاسم: شركات كبيرة ذات رأسمال
موزع على أكبر عدد من المساهمين
التقدم التقني و العلمي: اخترعت محركات جديدة كالمحرك الانفجاري و الكهربائي، و همت الابتكارات
صناعات متعددة وقطاعات الفلاحة و المواصلات و وسائل الاتصال.
* ثورة المواصلات : توسعت شبكة السكك الحديدية في أوربا الغربية و الولايات م الأمريكية ،
واخترعت السفينة البخارية وأقيمت خطوط بحرية منتظمة بين أوربا و باقي القارات ، و
تم حفر القنوات النهرية و البحرية كما تم ترصيف الطرق البرية .
ثانيا :
التحولات الديمغرافية و الاجتماعية :
شهد العالم الرأسمالي تحولات ديمغرافية مهمة من أبرزها:
- تضاعف عدد السكان بفعل انخفاض نسبة الوفيات أمام
تحسن التغذية و تقدم الطب ، مقابل ارتفاع نسبة الولادات .
- نمو حضري سريع أمام انتشار الهجرة القروية.
- تزايد الهجرة القروية لعدة
أسباب منها الثورة الصناعية ، و التوسع الرأسمالي ، و ضعف الدخل الفلاحي.
تغيرت البنية الاجتماعية في البلدان الرأسمالية :
* تزايد نفوذ البورجوازية التي
سيطرت على الأنشطة الصناعية و التجارية و الخدماتية و الفلاحة العصرية . في حين
تراجعت مكانة طبقة النبلاء ، و أدت حركة التصنيع إلى تكاثر اليد العملة التي عانت
من ظروف معيشية قاسية منها ضعف الأجور و طول مدة العمل اليومي و السكن غير اللائق
و انتشار الأمراض و سوء التغذية و استغلال الأطفال و النساء .
ثالثا : بروز الفكر الاشتراكي ونشأة الحركة
النقابية :
ظهر الفكر الاشتراكي بأوربا خلال القرن 19 م :
* إذا كانت الليبرالية الكلاسيكية بقيادة أدام
اسميث مثلت مصالح البورجوازية ، فإن الفكر
الاشتراكي دافع عن العمال بانتقاده الاستغلال الطبقي والبؤس الاجتماعي المواكبين
للثورة الصناعية .
* صنفت الاشتراكية إلى نوعين هما:
- الاشتراكية الطوباوية ( أو الخيالية أو المثالية
) :التي انتقدت مبادئ الرأسمالية ، و نادت بسيطرة الدولة على وسائل الإنتاج ،و
تزعمها بعض المفكرين منهم الفرنسي سان سيمون و الانجليزي روبرت أووين . و تولدت
عنها الاشتراكية الفوضوية بقيادة الفرنسي برودون .
- الاشتراكية العلمية : التي
اعتبرت الصراع الطبقي أساس التطور التاريخي ، و دعت إلى العنف الثوري ( الإضرابات
والمظاهرات ) من أجل القضاء على الرأسمالية و إقامة النظام الاشتراكي . و من أهم
زعماء هذا الاتجاه المفكر الألماني كارل ماركس .
نشأت و تطورت الحركة النقابية في البلدان الرأسمالية :
* في النصف الأول من القرن 19 شكل العمال في بعض
بلدان أوربا الغربية عدة جمعيات من أجل الدفاع عن حقوقهم . و في النصف الثاني من
نفس القرن تأسست نقابات عمالية قوية في كل من إنجلترا و فرنسا و ألمانيا . و تكتلت
هذه النقابات عالميا في إطار الأممية الأولى و الثانية ( الاتحاد العالمي للنقابات
).
* أسفر نضال العمال عن تحقيق عدة مكتسبات من
أبرزها : تقليص ساعات العمل اليومي ، و الزيادة في الأجور ، و إحداث تعويضات المرض و حوادث الشغل و البطالة
و التقاعد ، و حق الإضراب ، و الاستفادة من العطل المؤدى عنها ، و الاحتفال بعيد
الشغل في فاتح ماي من كل سنة .
خاتمة : أدت هذه التحولات إلى تدعيم مكانة أوربا عالميا و احتدام التنافس
الامبريالي بين الدول الكبرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق