الجمعة، 17 أكتوبر 2014

التحولات الاقتصادية و المالية و الاجتماعية و الفكرية في العالم في القرن 19 م



طرح الإشكالية:
ما التحولات الاقتصادية و المالية  و الاجتماعية و الفكرية التي شهدها العالم الرأسمالي خلال القرن 19 م ؟

أولا : التحولات الاقتصادية و المالية في العالم الرأسمالي:

 1-  تعددت مظاهر التحولات الاقتصادية :
التطور الصناعي تجلى في تعميم المحرك البخاري ، و اختراع أنواع أخرى من المحركات ، و ظهور المصانع الكبرى ، و ازدهار بعض الصناعات في طليعتها : صناعة الفولاذ و الصلب و الصناعة الميكانيكية و الكيماوية ، و تزايد المردود و الإنتاج أمام تطور الأساليب و التقنيات ، و ارتفاع حصة الصادرات الصناعية.
* الثورة الفلاحة  تمثلت في استخدام الدول الرأسمالية  الآلات و الأسمدة، و تعتمد على انتقاء الأنواع الجيدة من المزروعات  و سلالات الماشية، بالإضافة إلى إتباع الدورة الزراعية و استغلال البحث العلمي و ارتباط الفلاحة بالصناعة و التجارة.
* تضاعفت المبادلات الخارجية للبلدان الرأسمالية التي نهج بعضها نظام التبادل الحر الذي جاء كبديل للحماية الجمركية ( فرض قيود جمركية على الواردات لحماية الإنتاج الوطني ). كما نشطت المبادلات الداخلية لنفس الدول.

 2- ارتبطت التحولات الرأسمالية بعوامل مختلفة :
العامل التنظيمي : قامت الليبرالية الكلاسيكية  على مبادئ منها حرية الإنتاج و التبادل التجاري ، و قانون العرض و الطلب ، و البحث عن الربح . و اتخذ التركيز الرأسمالي شكلين أساسين هما:
- التركيز الأفقي: اندماج الشركات التي لها نفس التخصص.
- التركيز العمودي: اندماج الشركات ذات التخصصات المتكاملة.
  دور الفاعلين الاقتصاديين الجدد : و من أبرزهم :
- الأبناك : مؤسسات مالية أصبحت تستثمر في مختلف الأنشطة الاقتصادية ، إلى جانب تقديم القروض و جمع الودائع .
- المقاولات الكبرى : مؤسسات اقتصادية قوية ناتجة عن التركيز الرأسمالي .( التروست ، الهولدينغ )
- الشركات المجهولة الاسم: شركات كبيرة ذات رأسمال موزع على أكبر عدد من المساهمين
  التقدم التقني و العلمي: اخترعت محركات جديدة كالمحرك الانفجاري و الكهربائي، و همت الابتكارات صناعات متعددة وقطاعات الفلاحة و المواصلات و وسائل الاتصال.
*  ثورة المواصلات : توسعت شبكة السكك الحديدية في أوربا الغربية و الولايات م الأمريكية ، واخترعت السفينة البخارية وأقيمت خطوط بحرية منتظمة بين أوربا و باقي القارات ، و تم حفر القنوات النهرية و البحرية كما تم ترصيف الطرق البرية .

 ثانيا : التحولات الديمغرافية و الاجتماعية :

  شهد العالم الرأسمالي تحولات ديمغرافية مهمة  من أبرزها:
- تضاعف عدد السكان بفعل انخفاض نسبة الوفيات أمام تحسن التغذية و تقدم الطب ، مقابل ارتفاع نسبة الولادات .
- نمو حضري سريع أمام انتشار الهجرة القروية.
- تزايد الهجرة القروية لعدة أسباب منها الثورة الصناعية ، و التوسع الرأسمالي ، و ضعف الدخل الفلاحي.

تغيرت البنية الاجتماعية في البلدان الرأسمالية :
* تزايد نفوذ البورجوازية التي سيطرت على الأنشطة الصناعية و التجارية و الخدماتية و الفلاحة العصرية . في حين تراجعت مكانة طبقة النبلاء ، و أدت حركة التصنيع إلى تكاثر اليد العملة التي عانت من ظروف معيشية قاسية منها ضعف الأجور و طول مدة العمل اليومي و السكن غير اللائق و انتشار الأمراض و سوء التغذية و استغلال الأطفال و النساء .

ثالثا : بروز الفكر الاشتراكي ونشأة الحركة النقابية :

ظهر الفكر الاشتراكي بأوربا خلال القرن 19 م :
* إذا كانت الليبرالية الكلاسيكية بقيادة أدام اسميث مثلت مصالح البورجوازية ،  فإن الفكر الاشتراكي دافع عن العمال بانتقاده الاستغلال الطبقي والبؤس الاجتماعي المواكبين للثورة الصناعية .
* صنفت الاشتراكية إلى نوعين هما:
- الاشتراكية الطوباوية ( أو الخيالية أو المثالية ) :التي انتقدت مبادئ الرأسمالية ، و نادت بسيطرة الدولة على وسائل الإنتاج ،و تزعمها بعض المفكرين منهم الفرنسي سان سيمون و الانجليزي روبرت أووين . و تولدت عنها الاشتراكية الفوضوية بقيادة الفرنسي برودون .
- الاشتراكية العلمية : التي اعتبرت الصراع الطبقي أساس التطور التاريخي ، و دعت إلى العنف الثوري ( الإضرابات والمظاهرات ) من أجل القضاء على الرأسمالية و إقامة النظام الاشتراكي . و من أهم زعماء هذا الاتجاه المفكر الألماني كارل ماركس .

نشأت و تطورت الحركة النقابية في البلدان الرأسمالية :
* في النصف الأول من القرن 19 شكل العمال في بعض بلدان أوربا الغربية عدة جمعيات من أجل الدفاع عن حقوقهم . و في النصف الثاني من نفس القرن تأسست نقابات عمالية قوية في كل من إنجلترا و فرنسا و ألمانيا . و تكتلت هذه النقابات عالميا في إطار الأممية الأولى و الثانية ( الاتحاد العالمي للنقابات ).
* أسفر نضال العمال عن تحقيق عدة مكتسبات من أبرزها : تقليص ساعات العمل اليومي ، و الزيادة في الأجور ،  و إحداث تعويضات المرض و حوادث الشغل و البطالة و التقاعد ، و حق الإضراب ، و الاستفادة من العطل المؤدى عنها ، و الاحتفال بعيد الشغل في فاتح ماي من كل سنة .

خاتمة : أدت هذه التحولات إلى تدعيم مكانة أوربا عالميا و احتدام التنافس الامبريالي بين الدول الكبرى .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق